إحياء روح الفن العربي على موقع "الحوش" للتجارة الإلكترونية
العالم العربي مليء بعدد كبير من الفنانين والمصممين الموهوبين الرائعين. ولكن يسأل إيهاب الشنطي، مؤسس منتدى أماندلا: لماذا لا يحصلون على الاهتمام الذي يستحقونه؟
ومن أجل حل هذه المعضلة، أطلق الشنطي منصة "الحوش" للتجارة الإلكترونية التي تعرض أعمالاً فنية وأزياء ومجوهرات وأثاث وأكسسوارات من تصميم فنانين وحرفيين من مختلف أنحاء العالم العربي.
تقوم فكرة المنصة على "خلق مساحة مشتركة للفنانين والمصممين"، كما يشرح الشطني الذي بنى الموقع بالتعاون مع المهندس رشيد عبد الحميد الذي اشتهر بتصميمه فندق "الديرة" وهو أول فندق وبوتيك في غزة. ويضيف ان "المنازل منذ الألف الثالث قبل المسيح كانت تبنى ولا تزال حول مفهوم الفناء حيث تجتمع العائلة الموسّعة. وقد أخذنا هذا التشبيه للمساحة المشتركة وقررنا خلق فضاء مشترك للفنانين".
ويقدم الموقع الذي يملك واجهة مستخدم بسيطة، للمستخدمين فرصة تصفّح مجموعة كبيرة من الأعمال الفنية تتراوح بين لوحات المناظر الصخرية المضيئة للفنان محمد المدهون إلى لوحات ضرار بكري التي تحوّل إحداها منزلاً متصدعاً في يافا إلى نوستالجيا غريبة. وتعطي فسيفساء رسمها الفنان تيسير بركات التي تأخذ شكل السياج، إحساساً بالصرامة المقيدة بينما يصوّر خالد حوراني تفاصيل العالم العربي القديم وأنماطه إضافة إلى كتابات بألوان هادئة وحديثة وألوان كتلة (block color). وتعرض مها الداية قطعاً أكثر تجريداً وذات مزاج يشبه مزاج لوحات الفنان الأميركي من أصل روسي مارك روثكو فيما يحيل فريدون أبده عمّان والصلت صوراً فوتوغرافية هي مزيج من الأسود والأبيض والسيبيا لجذب أي معجب بالجمال القاسي للمدن.
نشعر بروح فلسطين حية وراسخة في العديد من الأعمال ليس أقلها في كلاسيكية الفنان الفلسطيني سليمان منصور "جمل المحامل" التي تصوّر رجلاً عجوزاً يحمل القدس التي تأخذ شكل ليمونة على ظهره المتعب. وكان الشنطي كشف يوم إطلاق "الحوش" في عمّان في 29 أبريل/نيسان، أن منصور رسم نسخة محدّثة من هذه اللوحة التي ستجول حول العالم تحت إدارة "الحوش".
وعلى الرغم من أن موقع "الحوش" يشبه موقع "أناناسا"، وهو موقع تجزئة على الإنترنت للأشغال اليدوية من جميع أنحاء العالم العربي (والذي كان مؤسسوه مؤخراً روّاد الأسبوع في ومضة)، إلاّ أنه أكثر تركيزاً على الرسامين والمصورين ويخطط ليكون لديه عنصر إضافي خارج الشبكة العنكبوتية حيث سيطلق منتدى لعرض الأعمال الفنية في مطلع العام المقبل. وسيشارك في الحدث الذي يدوم عشرة أيام، 300 فنان من 10 إلى 15 بلداً وستستضيفه مدينة عربية في السنة ومدينة أجنبية في السنة التالية. ومن أجل خلق وجود متواصل، يلتزم "الحوش" مع صالات عرض محلية في مدن مضيفة لعرض أعمال فنانيه وتسهيل إقامة روابط فنية مع فنادق ومطاعم لتكون أماكن عرض أيضاً.
وفي حين أن "الحوش" يعنى ببناء مجتمع شامل (حيث يقدم أيضاً بعض المنتديات للمناقشات الخاصة بالفن والتصميم)، لا يمكن للموقع أن يضم جميع الفنانين الذين يرغبون في دخول المنصة. فأثناء مراجعة 6 إلى 7 طلبات يومياً، يدرس الشنطي وعبد الحميد إلى قدرة الفنان على بيع أعماله ومدى الفرادة والابتكار في أعمالهم وإمكانية تطورهم.
ويقول الشنطي ان "أكثر أمر مشجّع رأيته هو الفنانين الذين كنا نعمل معهم وكانوا يبيعون اللوحة بـ200 دولار واليوم يبيعونها بـ10 إلى 15 ألف دولار. فلا شيء يجعلنا أكثر فخراً من رؤية الفنانين يكبرون ويدركون كامل قدرتهم. نحن نستثمر حياتنا في هذا المشروع".
هذه بالفعل مبادرة واعدة لكل من يحب الفن. ولكن السؤال الوحيد العالق هو ما إذا كان الزبائن المحليين في العالم العربي يريدون شراء الفن على الإنترنت؟ أو أن الزبائن العالميين سيغرمون بالأعمال الفنية بما يكفي لشرائها من مسافة بعيدة؟
الصور المعروضة على الموقع مقنعة، وكل من يبحث عن قطع أصلية من المنطقة لا شك سيستمتع بتصفّح صفحات الفنانين على الموقع، ولكن وجود عنصر إضافي على الأرض أي المعارض، هو عامل حاسم لبناء كتلة مشترين. فكلما كان المرء على اطلاع على أعمال الفنان في الواقع، كلما أصبح الشراء على الإنترنت عامل راحة مرحباً به أكثر منه خطراً. ولكن في مطلق الأحوال، إن تطوّر جانب التجارة الإلكترونية كثيراً أم أصبحت الفعاليات على الأرض هي العمل الطاغي أكثر، سيكون الموقع قد حقق نجاحاً كبيراً عبر جمع مواهب المنطقة وعرض أعمالهم بشكل أنيق وتوفير الفرصة للرياديين في مجال الفن لجني المال من أعمالهم.