مساحة العمل المشتركة MAKE تنطلق في دبي
جاء ليث ماثيو إلى دبي عام 2007 للعمل في صناعة الأغذية والمشروبات التي كانت تعيش ازدهاراً كبيراً في الإمارات في ذلك الوقت. وبما أنه كان مولعاً بتلك الصناعة، إضافة إلى أنه كان يحلم دائماً بأن يمتلك مطعمه ومقهاه الخاصّيْن، فقد كان يقضي الجزء الأكبر من وقته، بعد الانتهاء من عمله النهاري، في المقاهي وفي مواقع العمل المؤقتة الأخرى في وضع تصورات مختلفة لمطعمه الخاص.
بعد بضعة شهور من العمل انطلاقاً من المقاهي، بدأ ماثيو يدرك أنه لم يكن الوحيد الذي يفعل ذلك. يقول ماثيو: "بدأ يتضح لي أن تلك الأماكن أخذت تتحول إلى مكاتب مصغرة، وبدا أن هنالك حاجة إلى حيّز مكاني يستطيع الناس العمل فيه. وسرعان ما صرفت النظر عن فكرة مشروع يقتصر على مطعم فقط، وشرعت بالتفكير بمساحة عمل متنقلة".
في شهر ديسمبر/كانون الأول من عام 2010، استولت على ماثيو فكرة تحقيق حلمه؛ حيث ترك عملاً بدوام كامل وشرع بتصميم مساحة عمل متنقلة مثالية في دبي. ولكن، كما قال عمر كريستيدس من "أراب نت" في وقت سابق من هذا الأسبوع، ثبت أن عملية إطلاق المشروع هي عملية معقدة لا يُعرف كيف يمكن البدء بها. وقال عمر: "لا يستطيع الوافدون العيش في الإمارات العربية المتحدة دون أن يكون لديهم تأشيرة، ولا يستطيعون الحصول على تأشيرة دون أن يكون لديهم عمل". كما اكتشف ماثيو أن كون الفرد رجل أعمال ريادي لم يتجاوز العشرينات يأمل في تطبيق مفهوم جديد في صناعة الأغذية والمشروبات، لا يُعتبَر بالظرف المناسب لإطلاق مشروع.
بالإضافة لعقبة التأشيرة، كان من الصعب أيضاً دفع الهيئات الحكومية للموافقة على فكرة مشروع إذا لم يكن المفهوم الذي يقوم عليه المشروع "موجوداً ضمن القوائم"، كما يقول ماثيو. كما أن من الصعب استئجار مكان من أجل مشروع أطعمة ومشروبات مستقل. فلم يسمح العديد من البائعين الكبار لماثيو بافتتاح دكان في موقعهم قبل أن يريهم برهاناً على الأرباح المتحققة في فروع محلية أخرى، أو على الأقل في فروع دولية.
لكن ماثيو تمكن، بفضل مثابرته، من التغلب على كل تلك العقبات، وأمَّن استثماراً لفكرته وأطلق مركز الأعمال "ميك" يوم الاثنين الموافق الثالث عشر من شهر شباط/فبراير. وربما كان أبرز ما يميز "ميك" هو مدى العناية بالتفاصيل التي ينطوي عليها تصميم المكان. فبخلاف المقاهي المألوفة التي عادة ما يعمل بها رجال الأعمال الرياديين والمبدعين، يتمحور كامل تصميم "ميك"، بدءاً بالأثاث وصولاً إلى الطعام، حول مفهوم "العامل المتنقل." ويتضمن المفهوم أكشاك "للأجرة" يمكن لأصحاب المشاريع الرائدة حجزها لعقد الاجتماعات ولوحة كتابة مخصصة لجلسات عصف الأفكار الجماعية.
ويعتقد ماثيو أنه بإنشائه "ميك" إنما أتاح فرصة فعلية في دبي، حيث توجد حاجة ماسة لأماكن موثوقة وحقيقية ومستقلة لا تشبه المطاعم التجارية والمطاعم الحاصلة على امتيازات بيع منتجات ذات أسماء معروفة، والمنتشرة في دبي. كما يعتقد ماثيو أن ما قام به يوفر فرصة له ولعملائه المحتملين نظراً لأن مفهوم العامل "المستقل" في دبي آخذ بالانتشار.
ويقدم ماثيو نصيحتين للراغبين في البدء بمشاريع خاصة في دبي. الأولى، "هناك وفرة في الأشخاص المبدعين في دبي، إذا استطعت فتح المجال لمهاراتهم وإمكاناتهم، فبإمكانك تحقيق الكثير بميزانية متواضعة." النصيحة الثانية، والأهم، "لا تبالغ في وضع المخططات." يقول ماثيو: "من المهم وضع خطط مستقبلية والقيام بمخاطر محسوبة، ولكن لا تجعل خطة مشروع العمل تقف حاجزاً بينك وبين ما تطمح لتحقيقه في الحياة".
من السابق لأوانه الحكم على مدى نجاح "ميك"، لكن الأماكن من نوع "ميك" بإمكانها تحقيق الكثير في مجال إيجاد وتشجيع ثقافة الريادة والإبداع في دبي. مع ذلك يمكن القول إن تجربة ماثيو تسلط الضوء على سؤال مهم: ما هو عدد العاملين المستقلين الذين سيحتاجون إلى عمل آخر بدوام كامل لكي يصبحوا رجال أعمال رياديين في دبي؟ يقول ماثيو: "الأمر صعب لكنه ليس مستحيلاً."