جيران دوت كوم يتحولون إلی حلقة وصل محلية
قلم: ناينا كيرلي
يمكننا أن نطلق عليها اسم "دعوةً رقمية إلى السلاح". لقد بلغ النقاش الخاص بقلة المحتوى العربي على الإنترنت حد الذروة. ففي الشهر الماضي فقط طرحت جوجل الأمر على النحو التالي: "تبلغ نسبة المحتوى المتوفر باللغة العربية على الإنترنت أقل من 2% الآن". هذا ما يوضحه مدير القسم الهندسي لجوجل في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى فعالية أيام جوجل في الأردن أحمد حمزاوي: "ثمة قدر غير قليل من هذا المحتوى يمكن اعتباره عديم الفائدة أو عديم الصلة". هذا لأن أكثر المحتوى العربي على الإنترنت مؤلف من المنتديات الخاصة أو محصور ضمن نطاق المدونات الشخصية إلى حد جعل من الممكن إطلاق صفة "أزمة" على نقص المحتوى العربي المتعلق بالأعمال. لكن ثمة موقع للمدونات يظهر الآن: إنه الواجهة الاجتماعية "جيران دوت كوم".
ومنذ انطلاق جيران في عام 2000، نما هذا الموقع من مجرد كونه خدمة مدونات متواضعة إلى أن صار مركزاً للمحتوى الذي يديره المستخدمون في العالم العربي وصار عدد رواده 1.5 مليوناً. ومع انطلاقة خدمته الجديدة "Places"، يقوم موقع جيران بتحفيز خلق المحتوى المحلي من خلال السماح للمستخدمين بمناقشة وتصنيف المؤسسات المحلية، من المطاعم إلى متاجر الأثاث إلى مؤسسات الرعاية الطبية، وذلك من خلال مراجعات مفتوحة عبر الإنترنت. وبما أن الانطلاق جرى في الأردن والمملكة العربية السعودية في النصف الثاني من العام الماضي فإن المحتوى متوفر باللغة العربية فقط حتى الآن.
ويوضح عمر قدسي الذي شارك في تأسيس هذه الشركة تحول شركته إلى تركيز يتجاوز ما هو محلي فيقول: "إن جيران تحاول حل مشكلة لم تجد لها حلاً على المستوى العالمي أو على المستوى المحلي. نحن نحاول الوصل بين الناس في المدينة استناداً إلى ما يفكر فيه أقرانهم بحيث يستطيع الناس مناقشة خياراتهم عبر الإنترنت". وذلك عبر عملية يشير إليها قدسي بقوله: "إننا نجعل محلات كثيرة تظهر على الإنترنت للمرة الأولى". ومن خلال تحول جيران إلى الموقع المفضل لدى شركات كثيرة نجد أنها تحاول الوصول إلى توازن يجعل المحتوى العربي المتوفر ذا صلة بالأعمال. ومع وصول حجم المرور بالموقع إلى رتبة 2000 حسب تصنيف ألكسا (Alexa)، يمكن القول إنه بلغ مكانةً مهمة من حيث صلته بعد أن كان عدد رواده 48 في الأردن و158 في السعودية.
إن هذه القدرة على سد ثغرات جديدة في السوق ومعالجة ما يستجد من تحديات هي ما سمحت لجيران بالنمو خلال 10 سنوات: "التحدي الأكبر الذي نواجهه، والذي سنستمر في مواجهته، هو تحدي الموارد البشرية. إننا نحاول منافسة لاعبين دوليين من أمثال فيسبوك وتويتر ويوتيوب على وقت المستخدم. إننا في حاجة إلى مواهب ذات مستوى عالمي". لكن، وبدلاً من انتظار توظيف مواهب متميزة تقوم جيران بخلق هذه المواهب بنفسها: "إننا نملك ثقافة التمكين والتعلم على المستوى الدولي. ونحن نتيح مجالاً للناس حتى يقوموا بالتجارب، ونضع توقعاتنا لهم، ثم نجري مراجعات نسأل من خلالها عما تعلموه. إن انتقال جيران من أ إلى ب يتضمن نقل الأشخاص في جيران من أ إلى ب أيضاً".
لكن المسألة التي لابد من معالجتها لا تقتصر على الموارد البشرية وحدها بل هي البيئة المحيطة كلها كما يقول قدسي: "حتى تنافس على المستوى الدولي لابد لك من نظام دعم حتى تتطور. نستطيع محاكاة نموذج جوجل أو آبل، لكن القول إنني سوف أوظف 10 مهندسين ثم أتوسع بعد ذلك ثم تبدأ طلبات الانضمام بالتوافد عليّ ليس إلا قولاً ساذجاً". لكن المشهد العام يشهد تغيراً إذا اعتبرنا جيران مثالاً على ما يجري. فبعد ست سنوات من التطوير الصبور سجلت الشركة ثلاث مساهمات من رأس المال المغامر في 2006 و2009 و2010 جاءت من آي في هولدينغز وإنتل كابيتال ؛ ثم اختيرت من أجل تقديم الدعم الإشرافي من قبل حاضنة الأعمال الدولية إنديفور. ويبدو أن ما تخطط له جيران من توسع صوب الإمارات العربية المتحدة هذا الربيع خطوة جديدة لتسريع نموها الصاروخي.
وأخيراً نقول إن الأمر التزام بعيد المدى بثقافة التجديد الداخلي والخارجي التي تميز نجاح جيران. إن على القائد أن يحوز "القدرة على نقد الذات والتعلم من الأخطاء، وكذلك خلق حلقة تعلم تستفيد من التجربة". هذا ما يقوله قدسي ثم يضيف: "إن كانت لديك هذه الأشياء فإنك قادر على تحقيق أي شيء".