إنترنت الأشياء: هل الجزائر مستعدّة لما تقدّمه هذه الشركة الناشئة؟
هل الجزائر مستعدّة لما تقدّمه إنترنت الأشياء؟
عام 2013، كانت تطرح إيمان مالك هذا السؤال على نفسها: كانت شركتها، "أكواسايف" Aquasafe قد ابتكرت أدوات متّصلة بالإنترنت تسمح للشركات بمراقبة مياه الصرف الصناعية، ولكن لم يرد أحد معرفة ماذا يضعون في هذه المياه.
ومنذ ذلك الحين، رأت قطاع إنترنت الأشياء يكبر في الجزائر ولم تعد اليوم لوحدها في هذا المجال. ولكن بالرغم من رواج هذا الموضوع في المؤتمرات، إلا أنّ مجال إنترنت الأشياء لا يزال صعباً.
عندما لا يهتمّ العملاء
عندما كانت طالبة عام 2013، طوّرت إيمان مالك حساسات لمراقبة تلوّث المياه. وعقب تخرّج فريقها من الجامعة، اختار شركاؤها أن يشغلوا وظائف تقليديّة ثابتة في حين أنّها باشرت في تطوير المشروع أكثر فأكثر.
في حديثها مع "ومضة"، تخبر مالك أنّها زارت بضعة محطّات لتكرير المياه. "وفي كلّ زيارة، كنت أصادف المشكلة المتكررة نفسها وهي أنّ المحطّة لا يمكنها معالجة مياه الصرف الصناعي."
أوّل منتجات "أكواسايف" الثلاثة هو جهاز يسمح للمستخدمين بمراقبة جودة المياه بشكل مستمرّ، وإرسال البيانات عبر "جي بي أر اس" GPRS شبكة الجيل الثالث .3G تعمل النسخة الثانية بشكل مماثل ولكن عبر "جي بي اس" GPS. وتسمح النسخة الثالثة بتأدية المهام عن بعد، مثل فتح وإغلاق صمّام.
لسوء الحظّ، لم يرد الصناعيون استخدام هذه الأجهزة.
وعن هذا الأمر، تقول مالك إنّ "الصناعيين يفضّلون عدم مراقبة مياه الصرف لديهم لأنّهم يعلمون أنّهم يلوّثونها" وتضيف مؤكّدةً "قالوا لنا إنّه إذا ما أرغمتهم الدولة على مراقبة مياه الصرف لديهم، لن يقوموا بذلك."
لذلك، بحثت مالك عن عملاء آخرين، وتوجّه تركيزها نحو الزراعة المائيّة aquaculture حيث مراقبة جودة المياه أساسيّة لاستمراريّة الأسماك والنباتات.
سوف تتقاضى "أكواسايف" 40 ألف دينار جزائري (367 دولار) مقابل الجهاز، وما بين 5 آلاف و10 آلاف دينار (46 – 92 دولار) في الشهر مقابل خدمات إدارة البرمجيّة والمعلومات بما في ذلك جمع البيانات وتخزينها، وتتراوح التكلفة باختلاف عدد المستخدمين.
ولكن في أيّار/مايو، وبعد أن سمحت لمهنيي الزراعة المائية بتجربة منتجاتها لمدّة أشهر مجاناً، لم تبع أيّ منتج ولم يجب عن أيّ بريد إلكتروني لتقديم معلومات محدّثة في تاريخ نشر هذا المقال.
وقد ذكرت في مقابلة سابقة أنّه "كان علينا أن نبدأ بالتسويق من قبل [في مرحلة الأبحاث والتطوير]." ولكن، لنكن عادلين، كان لديها انشغالات أخرى.
إنترنت الأشياء على عجلات التدريب
منذ ثلاثة أعوام، كان عالم الشركات الناشئة الجزائرية في مراحله الأولى، وكانت فرص التمويل والدعم ضئيلة جدّاً، كما كانت إنترنت الأشياء مفهوماً غامضاً.
لذلك، سلكت مالك طريق المنافسة وانضمّت إلى أكبر عدد ممكن من المنافسات لتقديم منتجها وزيادة شهرته.
عام 2014، فازت "أكواسايف" في مسابقة خطّة العمل الوطنيّة "تي ستارت" Tstart وحظيت بجائزة وقدرها مليوني دينار (18 ألف دولار) وفترة احتضان، ما سمح لها بتوظيف مهندسين ومطوّرين.
وتشرح مالك أنّ ذلك "ساعدنا في إبقاء الشركة في اكتفاء ذاتي لمدّة عام، وتنظيم النماذج الأوليّة وإقامة التجارب مع عملاء محتملين."
سوف تتلقى مالك استثماراً قدره خمسة ملايين دينار (46 ألف دولار) من "أوريدو" Ooredoo بشكل قروض قابلة للتحويل هذا العام.
من دون هذا الدعم، كان ليكون تطوير "أكواسايف" معقداً جدّاً، حسبما تقول، بخاصةٍ وأنّه في ذلك الوقت لم يكن هناك من مختبر تصنيع لإعداد النماذج الألويّة، وكان عليهم بناء مختبرهم الخاص.
مصطفى الأخضري عانى من المشكلة نفسها، فقد بدأ بالعمل على "قطرة" Goutra وهو نظام للمحافظة على المياه مبني على صنبور ذكيّ عام 2010. وبعد إطلاقه النسخة التجريبيّة منه عام 2014، عانى كثيراً لإيجاد العملاء.
من جهته، سلك كريم براهيتي طريقاً مختلفة؛ في عام 2007، أنشأ "أل في أس سي ميديتيراني" LVSC Méditérranée وهي شركة تدير أساطيل السيارات طوّر من أجلها أوّل حلّ جزائري لتحديد المواقع الجغرافيّة.
والآن، لقد غاص أكثر فأكثر في قطاع إنترنت الأشياء ويريد مساعدة الجزائر في أن تصبح أوّل مدينة ذكيّة من خلال تطوير شبكة إرشاد مستقلّة في نظام تحديد المواقع GPS.
حتّى أنّ براهيتي قد طوّر مساحة تصنيع خاصة بفريقه في مكاتبهم، ويطوّر فريقه مشاريع جانبيّة أوّلها قمامة ذكيّة لتوفير الوقت والأموال للمدن.
المياه، ولكن لا شيء للشرب
في مسألة جودة المياه ولسوء الحظّ، يبدو أنّ "أكواسايف" تسبح في عكس التيار كما كانت تفعل الشركات الناشئة في إنترنت الأشياء عام 2013.
في "قمّة ريو" Earth Summit عام 1992، التزمت الجزائر مع 105 بلدان آخرين بتطبيق سياسة تطوير مستدامة تتضمن تحسين إدارة الموارد المائيّة.
بقي الوضع على حاله منذ ذلك الحين حتّى عام 2006 حين ولدت سياسة المياه مع قانون تصريف السوائل الصناعيّة، إلا أنّ القانون لم يكن أبداً كاملاً.
كان القانون مبهماً في واجبات الشركة ولم يحدد الطريقة لقياس المواد المصرّفة إذ أنّ الأدوات للقيام بذلك غير متوفّرة في البلاد، تشرح مالك.
من دون محفّزٍ يجعل الصناعيين يستخدمون منتجها ومع عدم تأكّد المزارعين المحليين من حاجتهم إليه، يبدو أنّ شركة مالك الناشئة ستبقى وحيدة في مسيرتها لبعض الوقت.